speakerجديد!iShredder™ للأعمال لنظامي iOS وAndroid متوفر الآن لمستخدمي المؤسسات.اعرف المزيد

طابعتك تفضحك! كيف تقوّض «النقاط الصفراء» خصوصيتك

طابعتك تفضحك! كيف تقوّض «النقاط الصفراء» خصوصيتك
٠٨ ديسمبر ٢٠٢٥

تخيّل أنك تطبع مستندًا، تضعه على الطاولة، وتكون مقتنعًا تمامًا بأن ما هو مكتوب على هذه الورقة هو كل ما يمكن لأي شخص أن يعرفه عنها.
لكن الواقع مختلف تمامًا.

العديد من طابعات الليزر الملوّنة وأجهزة النسخ الحديثة تُضمِّن سرًّا بيانات وصفية (Meta‑Data) في كل صفحة تُطبع – غير مرئية لك، لكنها قابلة للقراءة من قِبل خبراء الأدلة الجنائية والسلطات.
وهذا بالضبط ما تدور حوله «النقاط الصفراء» الشهيرة Yellow Dots: نقاط صفراء متناهية الصغر تعمل كبصمة آلية على كل صفحة.

تهدف هذه المقالة إلى أن تعطيك صورة كاملة عمّا يلي: ما هي هذه النقاط الصفراء بالضبط؟ كيف ظهرت؟ من يستخدمها؟ كيف تتكامل مع التتبع السحابي؟ وما هي استراتيجيات الدفاع الواقعية المتاحة لك اليوم؟

1. ما هي «النقاط الصفراء»؟ ولماذا لا تراها أبدًا؟

الكثير من طابعات الليزر الملوّنة وأجهزة النسخ الملوّنة تطبع معلومات إضافية على الورق مع كل مهمة طباعة، من دون أن تشعر.
تتكون هذه المعلومات من نمط شبكي (Matrix) من نقاط صفراء صغيرة منتشرة على الصفحة بأكملها. تقنيًا تُسمى:

Printer Tracking Dots

Machine Identification Code (MIC)

أو ببساطة Yellow Dots «النقاط الصفراء»

حجم النقطة الواحدة يقارب 0.1 ملم، والمسافة بينها حوالي 1 ملم، وتشكل شبكة – مثل مصفوفة 8×16 نقطة على سبيل المثال. هذه المصفوفة تُشفّر بيانات مثل:

الرقم التسلسلي للطابعة

تاريخ ووقت عملية الطباعة

ولكي لا تضيع هذه “التوقيع”، يُعاد تكرار النمط عبر الصفحة، غالبًا عشرات أو حتى مئات المرات.
تحليلات مختلفة أظهرت أن الرمز نفسه يمكن أن يظهر على ورقة A4 واحدة حتى 150 مرة – حتى لو قطّعت الورقة إلى شرائح، يبقى هناك عدد كافٍ من الأجزاء القابلة للتحليل.

في الاستخدام اليومي، يظل كل ذلك غير مرئي: تحت الإضاءة العادية تبدو الصفحات طبيعية تمامًا.
لكن تحت ضوء أزرق أو فوق بنفسجي UV، أو بعد معالجة رقمية للصورة يتم فيها تعزيز قناة اللون الأصفر، يظهر النمط بوضوح.

هكذا يعمل خبراء الأدلة الجنائية، وبهذه الطريقة تمكنت منظمات مثل Electronic Frontier Foundation (EFF) من تحليل هذه الأكواد في المقام الأول.

2. من الذعر من التزوير إلى بنية تحتية جنائية كاملة

تبدأ قصة النقاط الصفراء في الثمانينيات، عندما بدأت آلات النسخ والطابعات الملوّنة عالية الجودة تصبح ميسورة السعر تدريجيًا.
طوّرت شركات مثل Xerox وCanon آليات يمكن من خلالها تحديد مصدر المطبوعات بشكل فريد. رسميًا، كان الهدف هو معالجة الخوف من تزوير العملات.

حصلت Xerox في الولايات المتحدة على براءة اختراع لنظام ينثر نقاطًا صفراء صغيرة على سطح الطباعة لتحديد هوية الجهاز.

لوقت طويل بقي هذا الأمر مسألة داخلية.
لم تُعرف التقنية علنًا إلا في عام 2004، عندما استخدمت السلطات الهولندية أكواد الطابعات لكشف مزوّري عملة.
بعد ذلك بقليل، نشرت مجلة PC World تقريرًا يفيد بأن الطابعات الملوّنة تقوم منذ سنوات بطباعة هذه العلامات غير المرئية.

الاختراق الحقيقي في فهم النظام جاء بفضل EFF.
ففي عام 2005، دعت المنظمة المستخدمين إلى إرسال صفحات اختبار من طابعات ليزر ملوّنة مختلفة، وبدأت في فك أنماط النقاط بشكل منهجي.

وقد تبيّن: النقاط الصفراء ليست ظاهرة غريبة في عدد محدود من الأجهزة، بل خاصية واسعة الانتشار في سلاسل كاملة من الطرازات.
ومن خلال إجراء FOIA (قانون حرية المعلومات)، عثرت EFF على وثائق داخلية تشير إلى أن جميع الشركات الكبرى المنتجة لطابعات الليزر الملوّنة قد اتفقت مع الحكومات على جعل أجهزتها قابلة للتتبّع جنائيًا.

بالتوازي مع ذلك، وصل الموضوع حتى إلى السياسة.
في البرلمان الأوروبي، طُرحت في عام 2007 أسئلة حول ما إذا كانت هذه الآليات الخفية للتتبع تنتهك قوانين حماية البيانات وضمانات حقوق الإنسان.
اضطرت المفوضية الأوروبية إلى الإقرار بأنه لا توجد قوانين محددة تنظّم هذه التقنية، وأنها بالفعل تمس مسائل الحقوق الأساسية – خصوصًا الخصوصية وحماية البيانات الشخصية.

باختصار:
النقاط الصفراء لم تظهر بالصدفة.
إنها نتيجة قرارات متعمدة بين الشركات المصنعة والدول، بهدف معلَن هو:
إمكانية ربط الوثائق المطبوعة بجهاز معين حتى بعد سنوات.

3. صدمة الواقع: قضية Reality Winner

في عام 2017، أصبح واضحًا تمامًا ما يمكن أن يترتب على ذلك عمليًا.

الموظفة السابقة في وكالة الأمن القومي الأمريكية NSA، رياليتي وينر Reality Winner، قامت بطباعة تقرير سري حول هجمات روسية على نظام الانتخابات الأمريكي وأرسلته إلى منصة التحقيق الصحفي The Intercept.

قامت هيئة التحرير بمسح الوثيقة ضوئيًا ونشرتها كملف PDF شبه غير معدّل.

بعد ذلك بوقت قصير، لاحظ عدد من القرّاء وخبراء الأمن السيبراني أنه عند تعزيز الألوان، تظهر نقاط صفراء بوضوح على الصفحات.
في الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام مثل The Atlantic وArs Technica أن أدوات من EFF قادرة على استنتاج وقت الطباعة ومعرّف الطابعة بدقة من هذه النقاط.

رسميًا، كان تحديد هوية وينر يعتمد أساسًا على تحليل داخلي للوصول داخل NSA:
عدد قليل جدًا من الموظفين فتحوا التقرير، وكان واحد فقط منهم على اتصال بـ The Intercept.

لكن في الوعي العام، أصبحت النقاط الصفراء رمزًا لمدى السرعة التي يمكن بها تتبّع التسريبات المزعوم أنها “مجهولة” عندما تكون الطابعة جزءًا من القصة.

حتى Wikipedia تشير صراحة إلى أن الطريقة التي نشر بها The Intercept الوثيقة – بما في ذلك علامات الطابعة – ربما ساهمت في تحديد المصدر.

بالنسبة للكثيرين في مجتمع الأمن، كانت هذه بمثابة إنذار حقيقي:

إزالة بيانات الميتاداتا من ملفات PDF وحدها لا يكفي

استخدام قنوات نقل رقمية آمنة وحده لا يكفي

ما إن تدخل طابعة ليزر ملوّنة في العملية، يمكن للورق نفسه أن يتحوّل إلى فخ جنائي.

4. ما هي الطابعات المتأثرة؟

بالنسبة لاستخدامك اليومي، السؤال التالي حاسم:
هل هذا يخصك أنت شخصيًا؟

الإجابة تعتمد بشكل كبير على نوع الطابعة التي تستخدمها.

طابعات الليزر الملوّنة وأجهزة النسخ الاحترافية

بالنسبة لطابعات الليزر الملوّنة وأجهزة النسخ الاحترافية بالألوان، فالأدلة هي الأكثر وضوحًا.
الدراسات والتحليلات تظهر أنه تقريبًا في كل الأجهزة التي خضعت للفحص من هذه الفئة، وُجد نوع من كود التتبع – غالبًا على شكل نمط نقاط صفراء، وأحيانًا في شكل آخر.

قائمة EFF الكلاسيكية لا تغطي إلا جزءًا من النماذج المتاحة، لكنها تحتوي على ملاحظة صريحة مفادها:

«من المحتمل أن جميع الطابعات التجارية الحديثة بالليزر الملوّن تطبع نوعًا ما من أكواد التتبع الجنائي، ليس بالضرورة نقاطًا صفراء.»

طابعات الليزر بالأبيض والأسود والطابعات النافثة للحبر

الوضع مختلف بالنسبة لطابعات الليزر بالأبيض والأسود وطابعات الحبر (Inkjet).

حتى الآن، لم تستطع EFF ولا الدراسات العلمية المسحية إثبات أن هذه الفئات من الأجهزة تدمج بشكل منهجي توقيعات Yellow Dots تتضمن الرقم التسلسلي والطابع الزمني.

وحتى ملخص Wikipedia يذكر بشكل واضح أن هذه الطريقة تُستخدم في الممارسة بشكل رئيسي في طابعات الليزر الملوّنة وأجهزة النسخ.

هذا لا يعني أن الليزر الأبيض والأسود أو الـ Inkjet “نظيفة” تمامًا من حيث المبدأ،
فمن الممكن نظريًا أن تُدخل الشركات المصنعة علامات مائية أكثر خفاءً عبر درجات الرمادي أو كثافة الحبر/الطنر.

لكن ما يمكن قوله هو:
الآلية الموثّقة بشكل محدد للنقاط الصفراء هي مشكلة طابعات الليزر الملوّنة.

إذا كنت تطبع على طابعة حبر منزلية، فأنت في هذا الجانب أكثر راحة بكثير من شخص يعمل في بيئة شركات مليئة بطابعات MFP ملوّنة عالية السرعة.

5. كيف تعمل التقنية بالتفصيل؟

لفهم ما يمكنك فعله عمليًا، من المفيد أن نلقي نظرة بسيطة على الجوانب التقنية.

أنماط النقاط لا تُنشأ على مستوى نظام التشغيل أو تعريف الطابعة، بل تُولَّد مباشرة داخل الجهاز، غالبًا في الفيرموير (Firmware) أو في مسار عرض Rendering مخصص في متحكّم الطابعة.

عندما ترسل مستندًا إلى الطباعة، يتم أولاً تحويل المحتوى داخليًا إلى صورة نقطية Raster.
بعد ذلك، تُضاف فوق هذه الصورة النقطية طبقة ثانية غير مرئية، تتكون من نمط النقاط.

هذه الطبقة مستقلة تمامًا عن ألوان المستند نفسه.
لا يهم إذا كنت تطبع منشورًا ملونًا أو نصًا أسود بالكامل – النمط سيظهر على أي حال.

هذا النمط عبارة عن مصفوفة ثنائية (Binary Matrix).
كل موضع في الشبكة يمثل بتًا أو مجموعة من البتات، والتي ترمز بدورها إلى جزء من المعلومات – على غرار الباركود ثنائي الأبعاد.

وفقًا لكل شركة مصنِّعة، يتم تخزين الرقم التسلسلي، التاريخ والوقت بصيغ مختلفة، أحيانًا مع أرقام تحقق (Checksums) وبتات خاصة لضبط الاتجاه (Orientation).

في عام 2018، تمكنت جامعة TU Dresden من تحديد أربعة مخططات ترميز مختلفة مستخدمة في 106 طرازًا من 18 شركة مصنّعة.

كيف نجعل النقاط مرئية؟

مسح جزء من الصفحة بدقة عالية

عزل قناة اللون الأصفر في الصورة

رفع التباين بشكل قوي

عندها يظهر نمط منتظم من النقاط يشبه سماء مرصعة بالنجوم بحجم مصغّر للغاية.

هذه بالضبط هي الطريقة التي تستخدمها EFF في شروحاتها، وهي أيضًا الأساس الذي تعمل عليه أدوات مثل DEDA لتحليل الأنماط بشكل آلي.

6. مشروع DEDA وغيره من الأبحاث: ماذا يمكن فعله بهذه النقاط؟

جامعة TU Dresden لم تتوقف عند اكتشاف الظاهرة، بل واصلت العمل عليها.

في إطار مشروع "deda" (اختصارًا لـ tracking Dots Extraction, Decoding and Anonymisation)، طوّر الباحثون أدوات يمكنها:

التعرف تلقائيًا على نقاط التتبع

فك تشفيرها

وتقديم وسائل معينة لإخفائها أو تشويشها (Anonymisation)

أداة DEDA Toolkit قادرة على استخراج أنماط النقاط الصفراء من عمليات المسح الضوئي عالية الدقة،
واستنادًا إلى مخططات الترميز المعروفة، يمكنها استنتاج الرقم التسلسلي المستخدم ووقت الطباعة.

في الوقت نفسه، توفر وظائف لحساب أقنعة نقاط جديدة، بحيث يتم عند إعادة طباعة المستند إضافة نقاط إضافية إلى الصفحة.
الهدف هو إفساد النمط الأصلي إلى حدّ يجعل الربط الموثوق بالطابعة الأولى أمرًا غير ممكن.

بحث مهم آخر هو عمل Maya Embar بعنوان "Printer Watermark Obfuscation" الذي عُرض في مؤتمر ACM عام 2014.
في هذا البحث، تم اختبار استراتيجيات مختلفة لتجريد طابعات الليزر الملوّنة من العلامات المائية (Watermarks).

اختراق الفيرموير بالكامل (Root‑Bypass) اتضح أنه عالي الخطورة وصعب التنفيذ عمليًا

محاولة تغطية الصفحة بالكامل باللون الأصفر فشلت، لأن معايرة الطابعة الداخلية ما زالت تُمكّن من تمييز النقاط

أنجح طريقة كانت في النهاية تقنية إخفاء (Steganography) تعتمد على طبقة نقاط إضافية توضع فوق النمط الأصلي بشكل مدروس

وظيفة إخفاء الهوية في DEDA تعتمد بالضبط على هذا المبدأ الأخير.

من المهم فهم أن هذه الأدوات لا تغيّر سلوك الطابعة نفسه.
إنها تعمل "بعد الواقعة" – أي على عمليات المسح أو من خلال إعادة الطباعة – وهي موجهة أساسًا للأغراض البحثية والتوعوية، ولحماية مشروعة في سيناريوهات عالية الخطورة، مثل:

الصحفيين الاستقصائيين

الناشطين

أو أي أشخاص قد تتعرض حياتهم للخطر إذا أمكن تتبّع منشوراتهم الورقية إليهم

7. مناطق رمادية قانونية وأخلاقية

وجود النقاط الصفراء يثير أسئلة مبدئية حساسة:

أولًا، تم إدخالها دون شفافية أو إبلاغ واضح للمستخدمين.
في كثير من الكتيبات، لا توجد حتى اليوم أي إشارة إلى أن طابعات الليزر الملوّنة تطبع أكواد تعريف مخفية.

ثانيًا، يمكن استخدام هذه الأكواد لتحديد هوية الأشخاص، دون أن يكونوا قد وافقوا على ذلك أو حتى علموا بوجود هذه الآلية.

نشرت EFF منذ عام 2008 تحذيرات مفادها أن نقاط التتبع قد تنتهك حقوقًا أساسية، وخصوصًا:

الحق في احترام الحياة الخاصة والعائلية

والحق في حماية البيانات

كما هو منصوص عليه في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي.

في المقابل، يعتبر استخدام هذه الأكواد قانونيًا أو مرغوبًا سياسيًا في كثير من الحالات –
مثل مكافحة تزوير العملات أو بعض أشكال الجريمة المنظمة.

هذا يضعك كمستخدم في موقف متناقض:

من ناحية، لا تريد انتشار العملات المزورة

ومن ناحية أخرى، لا تريد أن تكون كل صفحة تطبعها قادرة على تسليمك للسلطات في أي وقت

تصبح المسألة أكثر حساسية عند الحديث عن تقنيات مضادة للطب الشرعي (Anti‑Forensics).
محاولة تحييد النقاط الصفراء بطريقة متعمدة قد تضعك في منطقة قانونية رمادية في بعض السياقات، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بوثائق تحظى بحماية خاصة من الدولة.

لذلك، يجب التعامل بحذر مع أدوات مثل DEDA، وينبغي ألا تُعتبر توصية عامة للجميع، بل دليلًا على مدى عمق المشكلة وتعقيدها.

8. لماذا لا يمكنك ببساطة إيقاف هذه النقاط؟

من وجهة نظر مستخدم يهتم بالأمن، سيكون الحل المثالي بسيطًا جدًا:

تفتح قائمة الإعدادات، تزيل علامة الصح من خيار “تتبع الطباعة/Tracking”، وانتهى الأمر.

عدم وجود هذا الخيار ليس مصادفة.

توليد النقاط الصفراء يتم على مستوى تقني لم يُصمَّم أصلًا ليكون تحت تصرّفك.
المصنّعون لا يذكرونها كميزة، ولا تظهر في مربعات الحوار، ولا توجد واجهة في تعريف الطابعة يمكنك من خلالها التحكم بها.

إنها جزء من المنطق الداخلي للجهاز، تشبه خطوة من خطوات المعايرة، لكن الفرق هنا أن هذه الخطوة تضيف علامة جنائية متعمدة.

دراسات حاولت تجاوز هذا المنطق على مستوى الفيرموير انتهت إلى نتيجة مفادها أن ذلك ممكن نظريًا، لكنه شديد الخطورة عمليًا:

خطأ واحد في التعديل يمكن أن يتسبب في تلف لا يُصلح للطابعة

مدى قانونية مثل هذا التلاعب يعتمد بشدة على البلد، والعقد، وغرض الاستخدام

واقعيًا، لا توجد طريقة “نظيفة” لتعطيل النقاط الصفراء في طابعة ليزر ملوّنة.
لا يمكنك سوى:

تجنّبها باختيار تقنيات طباعة أخرى

أو محاولة تشويش تأثيرها لاحقًا مع كل ما يرافق ذلك من قيود ومخاطر

9. تجنّب بدلًا من “الإصلاح”

أهم نتيجة يمكن تطبيقها في حياتك اليومية تبدو بسيطة، لكنها فعّالة للغاية:

إذا كنت تريد منع وجود النقاط الصفراء على مطبوعاتك، فلا تطبع محتوى حساسًا على طابعات ليزر ملوّنة.

بالنسبة للوثائق السرية التي يجب أن تكون على الورق فعلًا، من الأفضل أن تعتمد على:

طابعات ليزر بالأبيض والأسود

أو طابعات Inkjet (النافثة للحبر)

حتى الآن، لا توجد دلائل علنية على أن هذه الفئات من الأجهزة تقوم بإدخال نمط Yellow Dots كما نعرفه، وهي ليست محور التركيز في وثائق الطب الشرعي المعروفة.

النقطة المهمة الثانية هي أن تسأل نفسك بشكل عام:
هل يجب فعلًا طباعة هذه المادة؟

اليوم يمكن معالجة الكثير من الأشياء بشكل أكثر أمانًا في صورة رقمية، مثل:

رسائل فورية مشفّرة من الطرف إلى الطرف

بريد إلكتروني مُشفّر

تخزين سحابي بآلية Zero‑Knowledge (حيث لا يستطيع المزود نفسه قراءة بياناتك)

منصات مخصصة للوثائق الآمنة

كل ورقة لا تُطبَع أصلاً، هي أثر أقل يمكنك أن تُتركه وراءك.

أما إذا كان استخدام طابعة ليزر ملوّنة أمرًا لا مفر منه – مثلًا في بيئة شركات –
فيجب أن يكون واضحًا أن كل ما يُطبع هناك لا يجب اعتباره مجهولًا.

من الأرجح أن تكون هذه المطبوعات قابلة للربط بشكل فريد بجهاز، وبشبكة، وفي كثير من الحالات بمجموعة معيّنة من المستخدمين.

10. الأثر الثاني: «الطابعات الذكية» والتليميتري العدواني

بينما تمثّل النقاط الصفراء نهاية السلسلة من ناحية الورق (العالم المادي)، هناك اتجاه ثانٍ تضخّم خلال السنوات الأخيرة:

طابعات تتحدث باستمرار مع السحابة.

شركات مثل HP تصف في بيانات الخصوصية الخاصة بها – وبقدر لا بأس به من الصراحة – نوع البيانات التي تجمعها من الطابعات المتصلة بالإنترنت.

في قسم "Printer Usage Data" (بيانات استخدام الطابعة)، تسرد HP من بين أمور أخرى:

عدد الصفحات المطبوعة

أوضاع/أنماط الطباعة المستخدمة

أنواع الورق والوسائط المستخدمة

خراطيش الحبر أو مسحوق الطباعة المستخدمة (بما في ذلك ما إذا كانت أصلية أم من جهة خارجية)

نوع الملفات المطبوعة (PDF, JPG, …)

البرمجيات المستخدمة للطباعة (Word, Excel, Photoshop, …)

أحجام الملفات

الطوابع الزمنية (Timestamps)

وتذكر مصادر أخرى كيف يكتشف المستخدمون، تقريبًا بالصدفة، حجم بيانات الاستخدام التي ترسلها أجهزتهم إلى خوادم الشركات – خاصة عند استخدام خدمات مثل Instant Ink أو HP Smart أو غيرها من العروض السحابية المشابهة.

النقطة المثيرة للاهتمام هي:
حتى إذا كنت تستعمل طابعة لا تطبع نقاطًا صفراء، فبإمكانك أن تترك وراءك أثرًا رقميًا بالغ التفصيل.

من يملك الوصول إلى هذه بيانات التتبع (Telemetry) يمكنه أن يعرف:

أنك طبعت

ومتى طبعت

كم صفحة طبعت

وبأي برنامج

ومن أي جهاز

وأحيانًا حتى:

هل استخدمت حبرًا/تونرًا أصليًا أم لا

11. ماذا يمكنك أن تفعل كمستخدم عادي؟

إذا كنت تهتم بخصوصيتك، فيمكنك استخلاص استراتيجية واضحة نسبيًا من كل ما سبق.

اختيار نوع الطابعة من البداية

طابعة نافثة للحبر بسيطة

أو طابعة ليزر بالأبيض والأسود
هي خيار أفضل كثيرًا (من ناحية النقاط الصفراء) مقارنة بطابعة ليزر ملوّنة حديثة.

التحكم في وظائف الطابعة المتصلة بالإنترنت
إذا كان لديك بالفعل طابعة شبكية، فمن المفيد إلقاء نظرة على الخدمات السحابية المرفقة بها.
اسأل نفسك عند كل ميزة “ذكية”:

«هل أحتاج حقًّا إلى هذا؟»

إذا كنت لا تطبع بانتظام من السحابة أو عبر التطبيقات، فلست مضطرًا لتسجيل طابعتك لدى الشركة المصنّعة.
الكثير من الأجهزة تعمل بشكل ممتاز في وضع LAN فقط – مثلًا عبر IPP أو مشاركة الطباعة التقليدية – من دون اتصال مباشر بالإنترنت.

التعامل مع الطابعة في شبكة منزلك كما لو كانت جهاز IoT شبه غير موثوق

ضعها في VLAN منفصل إذا أمكن

أو على الأقل استخدم قواعد جدار ناري (Firewall) مقيّدة تمنعها من الاتصال الحر بأي خادم في الإنترنت

التعامل الجدي مع الورق نفسه
المطبوعات الحساسة لا ينبغي وضعها في سلة إعادة تدوير الورق أو القمامة العادية،
بل في آلة تمزيق مستندات (Shredder) تمزّق الورق إلى قطع صغيرة جدًّا.

حتى من منظور الأدلة الجنائية التقليدي – بعيدًا عن النقاط الصفراء – هذه وسيلة لا غنى عنها.

12. ما الذي يجب أن تفعله المؤسسات والشركات؟

في السياق المؤسسي، يصبح الموضوع أكبر بكثير.
نتحدث هنا عن:

أساطيل كاملة من أجهزة الطباعة المتعددة الوظائف (MFP)

متطلبات الامتثال (Compliance)

التحقيقات الداخلية

وحدود الشفافية تجاه الموظفين

خطوة أولى جيدة هي وضع سياسة واضحة للطباعة كجزء من سياسات أمن المعلومات والخصوصية.
ويشمل ذلك اتخاذ قرارات واعية حول:

أي فئات من الطابعات

لأي أنواع من المستندات

وفي أي ظروف يمكن استخدامها

قد يكون من المنطقي مثلًا أن تُقصر طباعة المستندات عالية الحساسية على أجهزة ليزر بالأبيض والأسود مخصصة لهذا الغرض، موجودة في مناطق آمنة بشكل خاص.

المستوى الثاني هو بنية الشبكة.

لا يجب التعامل مع الطابعات على أنها “ملحقات غبية”، بل كنظم تكنولوجيا معلومات مستقلة بحد ذاتها، لها Telemetry وFirmware ونقاط ضعف أمنية محتملة.

هذا يعني:

تقسيم الشبكة (Segmentation)

استخدام جدران نارية فعّالة

تسجيل الأحداث (Logging)

وإدارة واضحة لتحديثات الفيرموير والتصحيحات (Patch Management)

من الأفضل تعطيل الوظائف السحابية افتراضيًا، ولا يتم تفعيلها إلا بعد إجراء تقييم للمخاطر بشكل صريح.

توعية الموظفين لا تقل أهمية عن ذلك.

قلة قليلة تعرف أن طابعات الليزر الملوّنة تدمج أكواد تعريف مخفية.
إذا كانت في مؤسستك قضايا مثل:

حماية المبلغين عن المخالفات (Whistleblowing)

التحقيقات الداخلية

التعاون مع الصحفيين

فيجب أن تكون شفافًا بشأن حقيقة أن:

«المطبوعات الورقية ليست دائمًا بلا أثر.»

وأخيرًا، ينبغي للمؤسسة أيضًا أن تضع الجانب القانوني في الاعتبار.

إذا كنت تتتبّع الوثائق بشكل منهجي عبر النقاط الصفراء أو بيانات Telemetry،
فأنت سريعًا ما تصل إلى مناطق حساسة في:

قانون حماية البيانات

اتفاقيات العمل الداخلية

وأحيانًا قوانين العمل نفسها

هنا يكون التنسيق الوثيق بين أمن المعلومات، ومسؤولي حماية البيانات، والقسم القانوني أمرًا لا بد منه.

13. النقاط الصفراء كدرس في “البيانات الوصفية المخفية”

إذا وسّعت زاوية الرؤية، تجد أن النقاط الصفراء تمثل قبل كل شيء درسًا واقعيًا عن مدى انتشار البيانات الوصفية المخفية في عالم اليوم.

الصور الرقمية تحتوي على بيانات EXIF: نوع الكاميرا، الرقم التسلسلي، وغالبًا إحداثيات GPS دقيقة

ملفات Office تخزن المحررين، أسماء المؤلفين، وسجل التعديلات

ملفات PDF تسجّل وقت الإنشاء ووقت الطباعة

أنظمة المراسلة والبريد الإلكتروني تولّد خرائط شديدة التفصيل للعلاقات الاتصالية (من تواصل مع من ومتى)

والطابعات تختم أرقامًا تسلسلية وطوابع زمنية بشكل غير مرئي على الورق

هذا كله لا ينبغي أن يثير الذعر، لكنه ينبغي أن يجعلك أكثر انتباهًا.

الخصوصية في عام 2025 لا تعني “حذف الكوكيز مرة في السنة ومتابعة الحياة كالمعتاد”.

بل تعني:

التعامل مع البيانات الوصفية – الرقمية والورقية – كقضية من الدرجة الأولى

وطرح السؤال مع كل تقنية جديدة:

ما هي المعلومات الإضافية التي يجري توليدها هنا؟ ومن يمكنه تحليلها واستغلالها؟

هذا بالضبط ما تستهدفه مشاريع مثل DEDA ومبادرات مثل EFF.
فهي لا تظهر لك فقط أن المشكلة موجودة، بل تُظهر لك أيضًا أنك كمستخدم مطّلع لست بلا حيلة:

يمكنك أن تشكك في التقنية

يمكنك اتخاذ قرارات واعية

ويمكنك أن تضغط سياسيًا وقانونيًا كي تصبح مثل هذه الآليات على الأقل شفافة وخاضعة للتنظيم

14. الخلاصة: طابعتك أكثر “سياسةً” مما تظن

جهاز يفترض أنه مجرد وسيلة لنقل النصوص والصور إلى الورق، يقوم في الخفاء بوسم كل صفحة بتوقيع فريد.

بنية تحتية قيل إنها وُجدت لمكافحة تزوير العملات، تُستخدم اليوم بكل بساطة كأداة جنائية –
من دون خيار “إلغاء الاشتراك”،
ومن دون إعدادات واضحة،
ومن دون نقاش مجتمعي حقيقي.

لا يمكنك أن “تُطفئ” هذه الحقيقة من قائمة الإعدادات، لكن يمكنك أن تدرجها في استراتيجيتك الأمنية:

أن تقرر متى وأين تُستخدم طابعات الليزر الملوّنة

أن تحد من الخدمات السحابية عن وعي

وأن تتعامل مع الأجهزة في شبكتك على أنها مصادر بيانات مستقلة لها ملف مخاطر خاص بها

وأن تسأل نفسك مع كل مستند: “هل يجب حقًا أن يوجد هذا على الورق؟”

بالنسبة لنا في Protectstar، هذا هو جوهر الموضوع:

المعرفة

والشفافية

والأدوات التي تمنحك مجددًا السيطرة على بياناتك الخاصة، سواء انتهى بها المطاف على هاتف ذكي، أو في السحابة، أو على ورقة تبدو للوهلة الأولى بريئة تمامًا.

المصادر وروابط لمزيد من القراءة

  1. Wikipedia: Printer tracking dots – نظرة عامة على تقنية النقاط الصفراء وتاريخها واستخدامها.
    https://en.wikipedia.org/wiki/Printer_tracking_dots
  2. EFF: List of Printers Which Do or Do Not Display Tracking Dots – قائمة تاريخية بالطابعات الليزرية الملوّنة التي تم اختبارها، مع تعليق بأن معظم الأجهزة الحديثة تستخدم على الأرجح نوعًا ما من أكواد التتبع.
    https://www.eff.org/pages/list-printers-which-do-or-do-not-display-tracking-dots
  3. EFF: Printer Tracking / “Is Your Printer Spying On You?” – معلومات خلفية حول اكتشاف الأكواد، عمل FOIA، والمخاطر على الخصوصية.
    https://www.eff.org/issues/printers
  4. TU Dresden – DEDA Toolkit – صفحة مشروع جامعة TU Dresden الخاصة بأداة استخراج، وفك تشفير، وإخفاء نقاط التتبع.
    https://dfd.inf.tu-dresden.de/
  5. DEDA GitHub Repository – التفاصيل التقنية والشيفرة المصدرية لأداة DEDA.
    https://github.com/dfd-tud/deda
  6. Maya Embar: “Printer Watermark Obfuscation”, RIIT 2014 (ACM) – عمل علمي حول استراتيجيات تعطيل أو تشويش العلامات المائية الخاصة بالطابعات.
    https://dl.acm.org/doi/10.1145/2656434.2656437
  7. EFF: “EU: Printer Tracking Dots May Violate Human Rights” – تحليل للأبعاد المتعلقة بحقوق الإنسان في أوروبا بسبب نقاط التتبع.
    https://www.eff.org/deeplinks/2008/02/eu-printer-tracking-dots-may-violate-human-rights
  8. HP Global Privacy Statement (2024/2025) – الأقسام الخاصة بـ "Printer Usage Data"، حيث تشرح HP بالتفصيل بيانات الاستخدام التي تجمعها من الطابعات.
    https://www.hp.com/content/dam/sites/worldwide/privacy/pdf/2025/aug/EN.pdf
  9. Regula Forensics: “Printer Tracking Dots: Hidden Security Marks” (2025) – وصف لكيفية استخدام مزوّدي خدمات الأدلة الجنائية للنقاط الصفراء لتحديد الطابعات.
    https://regulaforensics.com/blog/printer-tracking-dots/
  10. Sophos News: “Tool scrubs hidden tracking data from printed documents” (2018) – شرح لكيفية استخدام DEDA عمليًا لاكتشاف نقاط التتبع وإخفائها جزئيًا.
    https://news.sophos.com/en-us/2018/07/03/tool-scrubs-hidden-tracking-data-from-printed-documents/
  11. Ars Technica / The Atlantic حول Reality Winner وأكواد الطابعة – تقارير إعلامية حول دور النقاط الصفراء في قضية Reality Winner.
    https://www.theatlantic.com/technology/archive/2017/06/the-mysterious-printer-code-that-could-have-led-the-fbi-to-reality-winner/529350/
  12. Instructables / EFF: “Yellow Dots of Mystery: Is Your Printer Spying on You?” – دليل عملي يشرح كيف تجعل النقاط الصفراء في مطبوعاتك مرئية.
    https://www.instructables.com/Yellow-Dots-of-Mystery-Is-Your-Printer-Spying-on-/
هل كانت هذه المقالة مفيدة؟ نعم لا
2 من 2 أشخاص وجدوا هذه المقالة مفيدة
إلغاء إرسال
Back العودة