زووم: لماذا نحتاج إلى تنظيم رقابي لضمان الخصوصية والأمان وحماية المستخدمين من المخاطر الإلكترونية المتزايدة في العصر الرقمي الحديث.

لقد تطورت مجال التكنولوجيا بسرعة فائقة. وبينما يجلب العالم الرقمي العديد من الفرص والتسهيلات، فإنه يثير أيضًا العديد من المخاوف المتعلقة بخصوصية المستخدم وحماية البيانات. تُعد الفضيحة الأخيرة مع منصة Zoom تذكيرًا صارخًا لماذا لم يعد الإشراف التنظيمي مجرد خيار مفضل – بل أصبح أمرًا ضروريًا.
في مارس 2023، قامت منصة Zoom، وهي منصة مؤتمرات فيديو شهدت نموًا هائلًا خلال جائحة كورونا، بتحديث شروط الخدمة الخاصة بها بشكل كبير. وأوضحت التحديثات صراحة أن الشركة يمكنها تدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها باستخدام بيانات المستخدمين. وهذا، بطبيعة الحال، أثار قلق العديد من المستخدمين. ولزيادة المخاوف، لم تتضمن الشروط أي بند يسمح بالانسحاب. باستخدام المنصة، كان المستخدمون يوافقون ضمنيًا على تحويل محادثاتهم إلى مواد لتدريب الآلات.
ومع ذلك، في أغسطس 2023، حاولت Zoom تهدئة المخاوف من خلال بيان في مدونة تؤكد فيه أن المستخدمين لا ينبغي أن يقلقوا بشأن هذا البند. ووفقًا لمسؤولي Zoom، لا تخطط الشركة لاستخدام مكالمات الفيديو لتدريب الذكاء الاصطناعي دون الحصول على إذن صريح من المستخدمين. ومع ذلك، فإن التباين بين هذا الوعد وما هو مكتوب في شروط الخدمة واضح ومثير للقلق.
وما هو أكثر إثارة للقلق هو الطبيعة المتغيرة لهذه الشروط. فشروط الخدمة بطبيعتها قابلة للتغيير. وبينما تدعي Zoom اليوم أنها لن تستغل بيانات المستخدمين، فقد تقوم الشركة غدًا، تحت ضغط السوق أو دوافع الربح، بمراجعة موقفها. وبالتالي، يُترك المستخدمون معلقين على وعد الشركة الذي هو هش ومتقلب.
الاعتماد على حسن نية الشركات لحماية حقوق المستخدم وخصوصية البيانات هو، بصراحة، استراتيجية محفوفة بالمخاطر. فالشركات، خاصة الربحية منها، تحركها قيمة المساهمين والأرباح. وبينما تسعى العديد من الشركات للعمل بأخلاقيات، فإن مسؤوليتها الأساسية تكون تجاه أصحاب المصلحة وليس بالضرورة تجاه المستخدمين. وبالنظر إلى ذلك، من غير الواقعي والطفولي توقع أن تعطي الشركات الأولوية دائمًا لخصوصية المستخدم على حساب مصادر الإيرادات المحتملة، خاصة في غياب تنظيمات صارمة.
تاريخيًا، في أي ثورة – سواء كانت صناعية أو تكنولوجية – أثبتت السياسات غير المنظمة عدم كفايتها في حماية حقوق الجمهور. والمبدأ بسيط: القوة غير الخاضعة للرقابة وغياب الإشراف يؤديان دائمًا إلى التجاوزات. وفي سياق العصر الرقمي، تظهر هذه التجاوزات في شكل انتهاكات للخصوصية، واستخدام غير مصرح به للبيانات، وتآكل عام للحقوق الرقمية.
لهذا السبب نحتاج إلى تنظيمات قوية. يمكن للهيئات التنظيمية وضع إطار معياري يجب على الشركات الالتزام به. وهذا لا يضمن فقط تكافؤ الفرص، بل يضمن أيضًا ألا تكون حقوق المستخدمين رهينة لتقلبات وعود الشركات أو تغيرات السوق. علاوة على ذلك، تزرع التنظيمات حس المسؤولية. فإذا علمت الشركة أن انتهاك خصوصية المستخدم قد يؤدي إلى غرامات مالية كبيرة أو إجراءات قانونية، فمن المرجح أن تتصرف بحذر. كما تمكّن هذه التنظيمات المستخدمين. فبوجود إطار تنظيمي واضح، يمكن للمستخدمين أن يقرروا أي المنصات يثقون بها وأيها يتجنبونها. لم يعودوا تحت رحمة شروط غامضة أو وعود شركات غير واضحة.
في الختام، تؤكد حادثة Zoom على قضية أوسع كانت تغلي في عالم التكنولوجيا لفترة طويلة: الحاجة الملحة للإشراف التنظيمي. ومع تزايد ارتباط التكنولوجيا بحياتنا اليومية، يجب أن ندعو إلى هياكل تعطي الأولوية لحقوق المستخدم وخصوصية البيانات. لقد حان الوقت لندرك أن التنظيم ليس فقط مفيدًا في عصر التكنولوجيا – بل هو ضرورة.
المصادر:
1) https://www.schneier.com/blog/archives/